ما زال من يعتبرون أنفسهم من المنظرين الأردنيين يتحفون الشعب بمقالات رنانة ونظريات (أسبوعية) لا تختلف قيد نملة عن ما حفظناه عن ظهر قلب من شعارات جماعة الإخوان وحزبها او المعارضة أو الحراك في كل تظاهرة، وكلما دق كوز بجرة!
بصدق لقد مللنا ونحن نقرأ ذات الجمل ونفس العبارات والديباجات التي تكررت حتى فقدت أي طعم أو لون او رائحة، حتى وإن صدرت من اشخاص مختلفين، لكنهم في حقيقة الأمر لا يزيدون عن نسخ مكررة من شريط كاسيت تزداد جودة صوته سوءا كلما تكرر النسخ من بوق إلى بوق، ومع ذلك لا يملون التكرار وكأن أقصى غايتهم هي ترسيخ هذه الأفكار في العقل الباطن للأردنيين دون أي طرح لحلول أو تقديم أدلة ومسوغات لطروحاتهم ومطالبهم
في قناعتي أن هؤلاء لا يريدون إلا أن يرسخوا في عقل المواطن أنهم هم وحدهم الحريصون على الوطن بطريقتهم فقط وأنهم أصحاب الوصاية والولاية وهم الأدرى بصالح الناس من الناس أنفسهم.. إنها العقلية الأبوية التي أكل الدهر عليها وشرب -حتى وإن صدرت ممن يسوقون أنفسهم على أنهم جيل الشباب والتغيير-، لكن عقولهم المتحجرة والمنسوخة تأبى الاعتراف بسقوطها.
عن نفسي سئمت تكرار هذه الجمل والديباجات والمصطلحات الجوفاء التي لا تحمل أي علاقة بواقع وحقيقة الحالة الأردنية بل تزيد اختلاق مشكلة لتفرض أجندتها المنبتة عن الحالة الأردنية كحل لها….
واليوم كمواطنة أردنية ومع اشتداد حملات الترويج لهذه المصطلحات أطالب عرابيها بتوضيح كامل لما يقصدونه وما يريدونه وأولها
فكرة العقد الاجتماعي الجديد، فأي عقد هذا الذي يريدونه وما الخلل في العقد الاجتماعي القائم، عقد الثورة العربية الكبرى، عقد الملك المؤسس عبد الله الأول، عقد الأردنيين الذين أسسوا الدولة وهم من كل أصل ومنبت، من اليمن إلى الحجاز إلى فلسطين وسوريا ولبنان وحتى موريتانيا، كل هؤلاء وقفوا إلى جانب الأردنيين وشاركوا في صياغة العقد الاجتماعي الذي قامت عليه دولتنا الفتية، ولم يتغير في بلدنا وشعبنا شيء يستوجب اعادة بناء عقدنا الاجتماعي، إلا هؤلاء الطارئين الذين يريدون أن يخلقوا لأنفسهم جذورا تربطهم بأي ثابت وتوقف هيامهم على وجوههم حتى وإن عنى ذلك أن يدمروا كل هذا الشعب وكيانه وثوابته في سبيل أن يمنحوا أنفسهم هوية وشرعية هم فاقدون لها.
ثم كثر الحديث عن ترسيخ مفهوم جديد وحديث للمواطنة (الحقيقية) فهل مواطنتنا جار عليها الزمن أوهمية أو ورقية كفكرهم المتذبذب حتى تصبح بفضلهم هم ومعظهم لا يعرفون الأردن ولا شعبه ولا تركيبته، مواطنة حقيقية؟!؟ ثم يدسون السم في الدسم بالحديث عن سيادة القانون، وكأننا في غابة تسودها شريعة القوة، وكأن الناس تقتل بعضها في شوارع وطننا، إن القانون بفضل الله راسخ وسائد ولا يقوض سيادته إلا هؤلاء المتبجحين بسيادة القانون وهم أصحاب المال والسلطة والنفوذ الذين يبذلون كل ما في وسعهم حتى يسود القانون على الجميع إلا هم ومحاسيبهم.. لذا لهم يجب أن نقول أن قانوننا سائد لولا دأبكم لتقويضه والالتفاف عليه.
ثم أتونا بحديث الإقصاء والاحتكار.. فأي إقصاء أسوأ من اسلوبهم الاقصائي لمعارضيهم والانكى من ذلك ينعتون كل مخالفيهم بالجهل والتخلف والرجعية، وأنهم أذناب لهذا أو ذاك فقط لمجرد الاختلاف بالرأي، لا بل ويتجاوزون ذلك بتحقير التراث والموروث الشعبي والوطني، واستخدام مصطلحات منه لإسقاطها إسقاطا نهائيا مقيتا على كل مخالفيهم مهينين بذلك الشعب والوطن بأكملهما، ثم بأي عين يتحدثون عن الاحتكار وهم المتمرسين به ، فكل منصب هو لهم وإلا فلا، وإن وصل أحدهم إلى موقع جمع عصبته حوله، وإن اجبرته الظروف على التغيير والاتيان بأحد من خارج دائرته أتى به كشاهد الزور، وكالخرزة الزرقاء يعلقونها درءا من العين وهي لا تضر ولا تنفع، ثم إن خرج من الموقع أشبعه وأشبع من سلفه ومن خلفه شتما وتقريعا وصار هو المصلح الأوحد والمنقذ الأول.
يا من امتهنتم التنظير.. كفاكم تنظيرا ولنراكم في الميدان بين شباب الوطن الحقيقيين في قراهم وبواديهم ومناطقهم الأقل حظا.. هناك ستعرفون الأردن وهناك سترون المواطنة لا وراء جدرانكم العاجية ووسط شللكم المخملية.. ومن هناك اصلحوا انفسكم قبل ان تتحدثوا عن اصلاح الوطن.. كفاكم أكلا للحصرم فنحن من نضرس وأنتم تتلذذون.
ديما علم
Twitter: @Deema22
Facebook/deema22jordan