وطني يا قدوة العرب

ديما علم

قبل أيام استضافتني إذاعة البي بي سي الناطقة باللغة الانجليزية في حوار مع نخبة من النساء العربيات حول واقع وحقوق ودور المرأة العربية في العالم والوطن العربي تحديدا، حيث تحدثت كل سيدة من السيدات المستضافات عن واقع المرأة في بلدها.
وطوال ما يزيد عن الساعة تحدثت فيها كل من الضيفات بدورها، استمعت بحرقة إلى معاناة معظم السيدات في معظم الدول العربية وخصوصا دول ثورات ما يسمى بالربيع العربي. واكتشفت عن كثب حجم معاناة المرأة العربية اجتماعيا وسياسيا وحتى رياضيا. فقد استمعت إلى شكواهن وكان عدد منهن من العربيات المقيمات في دول المهجر ما أعطاهن فرصة للتحدث بأريحية عن دولهن وواقع المرأة فيها. وهو أمر لم أشعر به كأردنية يوما.. فكل منا يطرح رأيه بحرية طالما التزم بآداب الرأي والحرية، أما سوانا فيبدو أن مجرد كلمة (رأي) تعتبر لديهم من المحرمات.
ثم جاء دوري لأتحدث عن المرأة في الأردن، ودورها، وطموحي المستقبلي سواء على الصعيد الشخصي أو كسيدة أردنية بشكل عام، وللصدق فقد كانت مداخلتي غير محضرة مسبقا لأنني توقعت أن يتناول الحديث محاور غير تلك التي ركزت عليها المتحدثات، لذلك فقد شرحت ما أعرفه ووعيته منذ وعيت الدنيا، عن المرأة الأردنية التي قطعت شوطا كبيرا في كل مناحي الحياة في الوطن، فهي مكون رئيس في الحياة السياسية منذ السبعينات والثمانينات سواء في مجالس الشورى او في البرلمان او الحكومات. وفي الأردن المرأة سفيرة، وقاضية، ومعلمة، ورياضية، ومحامية، بل وحتى سائقة لسيارة أجرة.
وكم كانت الدهشة بادية على المستمعات اللواتي أثنين بالإجماع على واقع المرأة الأردنية وتمنين مثله لبلدانهن, كم كانت دهشتهن عندما تحدثت عن احتمالية أن تترأس سيدة الحكومة القادمة كونها حكومة برلمانية قد تنتج المشاورات حول رئيسها أن يتم اختيار سيدة أردنية لهذه المهمة، ومن غير المستبعد أبدا أن تحل سيدة في موقع نائب رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان.
بالطبع لم أنكر أثناء الحوار ولا أنكر أبدا وجود بعض المعوقات والصعوبات التي لا يخلو منها بلد أو قطاع، مثل مشكلة جرائم الشرف والتي لحظت أن أيا من مجتمعات السيدات المشاركات لم يخل منها بما في ذلك المشاركات من دول المهجر بل لعل المشكلة في الأردن لا تكاد تصل إلى نزر يسير مما يعاني منه الآخرون.
وبمحصلة الحوار وصلت إلى قناعة أخبرت بها زميلاتي في الحوار ومؤداها أن الدول العربية عامة يجب أن تأخذ من تطور دور المرأة في الأردن نموذجا يحتذى به، وكم كانت فرحتي كبيرة عندما وجدت أن جميع المشاركات وافقنني الرأي وأثنين على كلامي واعتبرن الأردن صاحب السبق في مجال تمكين المرأة، واعتبرن الأردن مفخرة للوطن العربي. وقد ختمت مداخلتي بمقولة جلالة الملكة رانيا أنه بتعليم الفتاة تعلم أسرة وتعلم المجتمع وان التعليم هو أساس العدالة للمرأة.
نعم نحن نسير نحو مرحلة جديدة؛ وللأسف فإن البعض يغض النظر عن المنجزات ولا يرى (بسوء نية أو بحسنها) إلا المعوقات. لكن بعد هذا الحوار والنظرة الايجابية التي ينظرها الجميع من الخارج نحو الأردن ما عاد من المقبول أن نضع المنجزات (على الرف). فالمنجزات هي التي يجب أن تكون أساس كل بناء جديد وهي التي يجب أن يعترف بها القريب قبل الغريب أما المعوقات والسلبيات فهي رفيق لكل منجز وعمل وعلينا أن نصلحها أن وجدت لكن لا يجوز لأي منا أن يجعل منها شماعة لتقصيره الشخصي او معولا لهدم الوطن. فجمال الوطن يبقى ببنيانه وبثباته وتماسك أبنائه وبتطوره على ايدينا فردا فردا، ويبقى الكمال لله سبحانه وتعالى.
هذا هو الأردن؛ وطني الذي اعشقه وافخر به. الأردن الذي بالرغم من كل الصعوبات والمعوقات والمؤامرات يبقى شامخا . وهو ما شدد عليه جلالة الملك في لقائه الأخير بالشباب الذي كان لي شرف حضوره، عندما أكد لنا أن الأردن كان دوما قدوة للعرب حين يتطلعون إلى التطور ويجب أن يبقى هكذا ويستمر.

5 Comments

Filed under All Articles, January, 2013

5 responses to “وطني يا قدوة العرب

  1. Anonymous

    مقال واقعي وإيجابي. نعتز بالإنجازات التي حققتها المرأة الاردنية. وعلينا ان نبني على هذه الانجازات. نعترف بالإنجاز ولكن لن نقف عنده . نطمح بل نريد المزيد

  2. Anonymous

    رائع ديما ، يعطيكي العافية ديما ويكثر من امثالك

  3. ahmad alsmadi

    نعم اوافقك الرأي المرأه مكرمه في بلدنا وذلك لما تتمتع به من مستوى وعي كبير وقد أثبتت جدارتها وفرضت إحترامها على من الأزمان وانا لي تجربه مع المرأه من خلال الخدمات الطبيه الملكيه انا اعتز بقيادتها وإلتزامها وكانت مميزه في إدارتها أكثر من الرجل في كثير من المواقع وأنتي مثال شامخ يعتز به ويفتخر به الأردنيون بارك الله فيكي ‏.مقالتك رائعه كالعاده متميزه شكرا